المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مأزق بريطانيا وقواتها في البصرة



lkhtabi
21-09-2005, 08:14 AM
بدأت لعنة العراق تضيّق خناقها علي توني بلير رئيس وزراء بريطانيا، وتتحول الي كابوس سياسي مرهق ربما ينعكس بصورة قوية علي مؤتمر حزب العمال الذي سيبدأ اعماله الاسبوع المقبل.
يوم امس عقدت الحكومة البريطانية اجتماعا طارئا لتدارس المضاعفات التي افرزتها احداث الشغب والمظاهرات في البصرة واستهدفت القوات البريطانية المتمركزة فيها.
فبعد عامين من الهدوء، والتعايش الكامل بين القوات البريطانية ومضيفيها من اهل الجنوب ومعظمهم من الطائفة الشيعية، بدأت الاوضاع تتغير وتنقلب رأسا علي عقب، فقد احرق المتظاهرون المعارضون لوجود القوات الاجنبية في العراق مصفحتين بريطانيتين، كما تزايدت الهجمات التي تستهدف القوات البريطانية، وبدأت الخسائر في صفوفها تقترب من رقم المئة.
الحكومة البريطانية اصيبت بحالة من الصدمة، عندما اقدمت قوات الشرطة العراقية علي خطف جنديين بريطانيين، وقامت بتسليمهما الي ميليشيا يتزعمها رجل الدين الشاب مقتدي الصدر الذي يعارض العملية السياسية الحالية في العراق ويطالب برحيل القوات الاجنبية.
الصدمة جاءت لان القيادة البريطانية، السياسية منها والعسكرية، لم تكن تتصور ان قوات الشرطة التي دربتها وسلحتها ستقدم علي هذه السابقة الخطيرة، اي خطف الجنديين وتسليمهما الي الميليشيا .
فالقيادة البريطانية تفاخرت دائما بقدرتها علي التفاهم مع العراقيين، واقامة علاقات وطيدة معهم، الامر الذي جعل المناطق العراقية الجنوبية اكثر استقرارا، علي عكس المناطق الشمالية وبغداد التي يسيطر عليها الامريكيون، واصبحت مسرحا لعمليات كثيرة ودموية لرجال المقاومة، اودت بحياة مئات الجنود الامريكيين.
الاوضاع تغيرت علي الارض في غير صالح بريطانيا وقواتها، والسبب الاساسي لهذا التغيير هو العامل الايراني . فايران من خلال ايعازها لحلفائها في الجنوب بتكثيف الهجمات ضد القوات البريطانية تريد ان تبعث برسالة واضحة الي حكومة توني بلير، مفادها ان قواتهم ستتعرض لهجمات شرسة اذا ما واصلت بريطانيا موقفها الحالي المؤيد لتحويل ملف البرنامج النووي الايراني الي مجلس الامن الدولي.
ايران تملك نفوذا واسعا في جنوب العراق، والقادمون من البصرة يقولون ان اللغة الرسمية فيها هي الفارسية وليست العربية، وقد جاء الوقت لتوظيف هذا النفوذ كورقة ضغط علي بريطانيا والولايات المتحدة.
وخطورة هذا النفوذ تتمثل في كونه قد امتد الي قوات الحرس الوطني والشرطة العراقية، فالميليشيات الشيعية، وخاصة قوات بدر التابعة للسيد عبد العزيز الحكيم، وجيش المهدي الجناح العسكري للسيد مقتدي الصدر، نجحت في اختراق قوات الامن والشرطة العراقية، وظلت علي ولائها التام لقياداتها، وليس لقيادة الشرطة والحرس الوطني والحكومة العراقية في بغداد.
بريطانيا تعيش مأزقا حقيقيا في العراق، ومن المتوقع ان يبلغ هذا المأزق ذروته اذا ما ذهب الملف الايراني الي مجلس الامن بدعم من الحكومة البريطانية، لان هذا يعني مقدمة لفرض حصار علي ايران.
ستكتشف بريطانيا والولايات المتحدة في الاشهر القليلة المقبلة ان قواتهما في العراق باتت رهينة في ايدي القيادة الايرانية والميليشيات المتحالفة معها، خاصة في الجنوب، ولن يكون مفاجئا اذا ما شاهدنا انقلابا في التحالفات علي ارض العراق، اي ان يصبح الشيعة اعداء امريكا وبريطانيا، والسنة يتفرجون عن بعد علي معارك حلـــفاء الامس.
شهر عسل القوات البريطانية في العراق، وباختصار شديد، يدخل نهايته بسرعة قياسية، وبات الخيار الوحيد والاسلم لبلير سحب هذه القوات باسرع وقت ممكن والاعتراف بخطأ سياساته في العراق.
9