منصور بالله
20-09-2005, 06:02 AM
لصوص بغداد الجدد
2005/09/20
عبد الباري عطوان
بدأ السحر ينقلب علي السحرة في العراق، فبعد انفجار الحرب الاهلية الطائفية، وفشل العملية السياسية المدعومة امريكيا، وانسداد كل الآفاق امام الدستور، باتت الكتابة واضحة علي الحائط، واصبحت كل هذه المقدمات تقود الي نهاية مأساوية بكل المقاييس للاحتلال، والذين تعربشوا بمشاريعه تحت ذريعة اقامة العراق الجديد .
اربعة تطورات رئيسية فاصلة وقعت امس يمكن ان تؤكد كل ما يسبق، نعرضها بايجاز شديد:
اولا: الكشف عن اكبر واقعة فساد في تاريخ العراق، وربما المنطقة العربية بأسرها. حيث من المتوقع ان تصدر السلطات العراقية خلال ايام امراً بالقبض علي السيد حازم الشعلان، وزير الدفاع العراقي السابق، بتهمة اختفاء ملياري دولار او اكثر من ميزانية وزارته فيما وصفها رئيس المفوضية العامة للنزاهة باكبر عملية سرقة في العالم.
وهذه السرقة وقعت في وزارة واحدة فقط، ولن يكون مفاجئا اذا ما تم اكتشاف كم هي سرقة متواضعة بالمقارنة مع السرقات في الوزارات الاخري، وخاصة النفط والداخلية.
ثانيا: تراجع الدعم الامريكي الشعبي للحرب في العراق، وانخفاض شعبية الرئيس جورج بوش الي اقل من خمسة وثلاثين في المئة. وخروج الرئيس السابق بيل كلينتون عن كل الاعراف والتقاليد المتبعة وتوجيهه انتقادات لاذعة للرئيس بوش والحرب علي العراق، وقوله ان الحكومة الامريكية تقترض من الصين والسعودية واوروبا لتمول هذه الحرب، وهذه هي المرة الاولي في التاريخ التي تخوض امبراطورية عظمي حرباً دون ان تملك اموالاً تغطي تكاليفها، الامر الذي سيؤدي الي افلاس الولايات المتحدة في نهاية المطاف وانهيار اقتصادها!
ثالثا: طالب اساقفة الكنيسة الانغليكانية في بريطانيا امس ان يعتذر القادة المسيحيون من المسلمين عن حرب العراق تصحيحاً للخطأ الذي ارتكبته الحكومة البريطانية. وقال بيان لهؤلاء الاساقفة ان الحرب غير عادلة في العراق، وشنت لاسباب تتعلق بالمصالح الامريكية الداخلية اكثر من ارتباطها بمصلحة الشعب العراقي. واقترح انه اذا كانت الحكومة البريطانية ترفض تقديم الاعتذار، فان علي اساقفة الكنائس المسيحية تقديمه للمسلمين، مثلما فعل الفاتيكان الذي اعتذر عن الاضطهاد بحق اليهود.
رابعا: دعا مينزيس كامبل، وزير الخارجية في حزب الاحرار المعارض، امس الي سحب القوات البريطانية من العراق لانقاذ ارواح الجنود بعد ان وصلت الهجمات الي البصرة التي ظلت منطقة آمنة بالنسبة الي القوات البريطانية، كما حذر مسؤول عسكري بريطاني يوم امس الاول بان العراق سيتحول بشكل سريع الي فيتنام بريطانية .
اسئلة كثيرة تطرح نفسها بعد عرض هذه الوقائع الاربع، اولها هو عن صمت الذين تحدثوا عن قسائم النفط واعتبروها خطيئة الخطايا، وتأكيداتهم الدائمة بان عراقهم الجديد سيكون اكثر بياضاً من البياض نفسه ؟!
ثم لماذا تتحلي الكنائس المسيحية بكل انواع الشجاعة الادبية والاخلاقية وتعلن عزمها الاعتذار للمسلمين عن جرائم حكوماتها، بينما لا يعتذر لصوص العراق الجديد عن سرقاتهم وجرائمهم في حق العراقيين والعقيدة الاسلامية السمحاء.
لماذا لا تعتذر الحكومات العربية التي سهلت غزو العراق واحتلاله، سواء بفتح اراضيها واجوائها لقوات الغزو، او المشاركة في حملات التضليل والتشويه لكل الشرفاء الذين عارضوا هذا العدوان، وحذروا من تحويل العراق الي دولة فاشلة وساحة للحروب الطائفية؟
نعم نطالب كل هؤلاء الذين دعموا لصوص العراق الجديد وفتحوا لهم المنابر وتطاولوا علي كل من يتمسك بعروبة العراق ووحدته، وساهموا بقتل مئة الف عراقي ومئات الآلاف من الجرحي، نطالبهم ليس فقط بالاعتذار، وانما بالتعويض عن كل شهيد وجريح سقط من جراء عدوانهم هذا، وكل بيت دمر تحت القصف، وكل برميل بترول جرت سرقته.
نطالبهم بالتعويض والاعتذار عن تجويع العراقيين، وحرمانهم من الامن والكهرباء والماء، والطبابة والتعليم، والعيش في حال من الرعب الدائم، وتفتيت بلادهم الي كنتونات، وشعبهم الي طوائف واعراق. نطالبهم بالتعويض والاعتذار عن سرقة ماضيهم وتراثهم، وتدمير حاضرهم، ومصادرة مستقبلهم.
المسرحية انفضحت، مثلما تعري كل المشاركين فيها امام العراقيين والعالم بأسره، فالعراق لم يعد مصدرا للديمقراطية الي جيرانه، وانما الفوضي والعنف والارهاب. والحريات الاعلامية التي مجدوها وتباهوا بها ثبت انها حريات لسب الشرفاء فقط، والتستر علي اللصوص والمشاريع الطائفية والتقسيمية.
لم نتوقع ان تظهر كل هذه الفضائح والسرقات في اقل من عامين، لم نكن نتخيل ان الذين قدموا انفسهم علي انهم فرسان الانقاذ للعراق وشعبه هم الذين سيقودون العراق وشعبه الي هذه الكارثة غير المسبوقة في التاريخ، وسينهبون البلاد وثرواتها في وضح النهار.
العراق الجديد بات وصمة عار تلطخ كل من تورط في مشروعه، وتحول الي اداة في يد الاحتلال الاجنبي، يتلذذ في قتل مواطنيه وتدمير مدنه وسرقة قوت الفقراء والمعدمين الذين انهكهم الحصار قبل ان تقتلهم القوات الامريكية!
هؤلاء هم الذين يستحقون المثول امام المحاكمات لنيل الجزاء الذي يستحقون عن كل جرائمهم وسرقاتهم. فاذا كان هؤلاء ارتكبوا كل هذه الآثام في اقل من عامين، تري كيف سيكون حال البلاد لو حكموا عشر او عشرين سنة؟!
2005/09/20
عبد الباري عطوان
بدأ السحر ينقلب علي السحرة في العراق، فبعد انفجار الحرب الاهلية الطائفية، وفشل العملية السياسية المدعومة امريكيا، وانسداد كل الآفاق امام الدستور، باتت الكتابة واضحة علي الحائط، واصبحت كل هذه المقدمات تقود الي نهاية مأساوية بكل المقاييس للاحتلال، والذين تعربشوا بمشاريعه تحت ذريعة اقامة العراق الجديد .
اربعة تطورات رئيسية فاصلة وقعت امس يمكن ان تؤكد كل ما يسبق، نعرضها بايجاز شديد:
اولا: الكشف عن اكبر واقعة فساد في تاريخ العراق، وربما المنطقة العربية بأسرها. حيث من المتوقع ان تصدر السلطات العراقية خلال ايام امراً بالقبض علي السيد حازم الشعلان، وزير الدفاع العراقي السابق، بتهمة اختفاء ملياري دولار او اكثر من ميزانية وزارته فيما وصفها رئيس المفوضية العامة للنزاهة باكبر عملية سرقة في العالم.
وهذه السرقة وقعت في وزارة واحدة فقط، ولن يكون مفاجئا اذا ما تم اكتشاف كم هي سرقة متواضعة بالمقارنة مع السرقات في الوزارات الاخري، وخاصة النفط والداخلية.
ثانيا: تراجع الدعم الامريكي الشعبي للحرب في العراق، وانخفاض شعبية الرئيس جورج بوش الي اقل من خمسة وثلاثين في المئة. وخروج الرئيس السابق بيل كلينتون عن كل الاعراف والتقاليد المتبعة وتوجيهه انتقادات لاذعة للرئيس بوش والحرب علي العراق، وقوله ان الحكومة الامريكية تقترض من الصين والسعودية واوروبا لتمول هذه الحرب، وهذه هي المرة الاولي في التاريخ التي تخوض امبراطورية عظمي حرباً دون ان تملك اموالاً تغطي تكاليفها، الامر الذي سيؤدي الي افلاس الولايات المتحدة في نهاية المطاف وانهيار اقتصادها!
ثالثا: طالب اساقفة الكنيسة الانغليكانية في بريطانيا امس ان يعتذر القادة المسيحيون من المسلمين عن حرب العراق تصحيحاً للخطأ الذي ارتكبته الحكومة البريطانية. وقال بيان لهؤلاء الاساقفة ان الحرب غير عادلة في العراق، وشنت لاسباب تتعلق بالمصالح الامريكية الداخلية اكثر من ارتباطها بمصلحة الشعب العراقي. واقترح انه اذا كانت الحكومة البريطانية ترفض تقديم الاعتذار، فان علي اساقفة الكنائس المسيحية تقديمه للمسلمين، مثلما فعل الفاتيكان الذي اعتذر عن الاضطهاد بحق اليهود.
رابعا: دعا مينزيس كامبل، وزير الخارجية في حزب الاحرار المعارض، امس الي سحب القوات البريطانية من العراق لانقاذ ارواح الجنود بعد ان وصلت الهجمات الي البصرة التي ظلت منطقة آمنة بالنسبة الي القوات البريطانية، كما حذر مسؤول عسكري بريطاني يوم امس الاول بان العراق سيتحول بشكل سريع الي فيتنام بريطانية .
اسئلة كثيرة تطرح نفسها بعد عرض هذه الوقائع الاربع، اولها هو عن صمت الذين تحدثوا عن قسائم النفط واعتبروها خطيئة الخطايا، وتأكيداتهم الدائمة بان عراقهم الجديد سيكون اكثر بياضاً من البياض نفسه ؟!
ثم لماذا تتحلي الكنائس المسيحية بكل انواع الشجاعة الادبية والاخلاقية وتعلن عزمها الاعتذار للمسلمين عن جرائم حكوماتها، بينما لا يعتذر لصوص العراق الجديد عن سرقاتهم وجرائمهم في حق العراقيين والعقيدة الاسلامية السمحاء.
لماذا لا تعتذر الحكومات العربية التي سهلت غزو العراق واحتلاله، سواء بفتح اراضيها واجوائها لقوات الغزو، او المشاركة في حملات التضليل والتشويه لكل الشرفاء الذين عارضوا هذا العدوان، وحذروا من تحويل العراق الي دولة فاشلة وساحة للحروب الطائفية؟
نعم نطالب كل هؤلاء الذين دعموا لصوص العراق الجديد وفتحوا لهم المنابر وتطاولوا علي كل من يتمسك بعروبة العراق ووحدته، وساهموا بقتل مئة الف عراقي ومئات الآلاف من الجرحي، نطالبهم ليس فقط بالاعتذار، وانما بالتعويض عن كل شهيد وجريح سقط من جراء عدوانهم هذا، وكل بيت دمر تحت القصف، وكل برميل بترول جرت سرقته.
نطالبهم بالتعويض والاعتذار عن تجويع العراقيين، وحرمانهم من الامن والكهرباء والماء، والطبابة والتعليم، والعيش في حال من الرعب الدائم، وتفتيت بلادهم الي كنتونات، وشعبهم الي طوائف واعراق. نطالبهم بالتعويض والاعتذار عن سرقة ماضيهم وتراثهم، وتدمير حاضرهم، ومصادرة مستقبلهم.
المسرحية انفضحت، مثلما تعري كل المشاركين فيها امام العراقيين والعالم بأسره، فالعراق لم يعد مصدرا للديمقراطية الي جيرانه، وانما الفوضي والعنف والارهاب. والحريات الاعلامية التي مجدوها وتباهوا بها ثبت انها حريات لسب الشرفاء فقط، والتستر علي اللصوص والمشاريع الطائفية والتقسيمية.
لم نتوقع ان تظهر كل هذه الفضائح والسرقات في اقل من عامين، لم نكن نتخيل ان الذين قدموا انفسهم علي انهم فرسان الانقاذ للعراق وشعبه هم الذين سيقودون العراق وشعبه الي هذه الكارثة غير المسبوقة في التاريخ، وسينهبون البلاد وثرواتها في وضح النهار.
العراق الجديد بات وصمة عار تلطخ كل من تورط في مشروعه، وتحول الي اداة في يد الاحتلال الاجنبي، يتلذذ في قتل مواطنيه وتدمير مدنه وسرقة قوت الفقراء والمعدمين الذين انهكهم الحصار قبل ان تقتلهم القوات الامريكية!
هؤلاء هم الذين يستحقون المثول امام المحاكمات لنيل الجزاء الذي يستحقون عن كل جرائمهم وسرقاتهم. فاذا كان هؤلاء ارتكبوا كل هذه الآثام في اقل من عامين، تري كيف سيكون حال البلاد لو حكموا عشر او عشرين سنة؟!