lkhtabi
19-09-2005, 08:38 PM
شبكة البصرة
نبيل أبو جعفر - البيادر
لم يتوقف الحكام الخليجيون في زحمة تسابقهم النفاقي لمساعدة الولايات المتحدة في مواجهة إعصار "كاترينا" أمام الكثير من المؤشرات الإلهية والإنسانية، والعديد من العلائم المذهلة إذا ما تمّ إمعان النظر في مشهد الكارثة التي خلّفها، وليس في ذلك أية غرابة.
فالحكام الخليجيون لم ينتصروا لأهل المنطقة الجنوبية المنكوبة بالإعصار كبشر، ولا كان همّهم سقوط آلاف القتلى وعشرات الآلاف من المشردين، ومعظمهم من الفقراء السود، الأفارقة الأصل، الذين يُعاملهم حكام بلدهم وكأنهم من مواطني الدرجة الثانية، ولم يتحركوا لنجدتهم بالسرعة المطلوبة، ولا بالجاهزية التي تُعبّر عن قدرة الدولة الأقوى، كما تحّركوا عشية أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، بل كان همّهم الأول والأخير الانتصار لمن انتصر لهم، وقاتل أمتهم، للحفاظ على كراسيهم من أجل الاستفراد بمصالحه في بلادهم، عندما اهتزّ وضعه وتعالت الأصوات المعارضة ضده حتى داخل حزبه، تتهمه بالتقصير والتمييز العنصري، واعطاء الحروب الخارجية أولوية على الاهتمام بشؤون الاميركيين الداخلية.
إن من يدفع لـ "نصرة" حدائق الحيوانات في لندن، ويتبرع لها بالملايين في عزّ أيام استباحة الكيان الصهيوني لمدننا ومخيماتنا الفلسطينية واغتيال مناضلينا، دون أن يعير ذلك اهتماماً، من الطبيعي أن يهرع بكل مظاهر الذل والتبعية – وليس مظاهر الانسانية – الى "الجود" بنصف مليار دولار، أو أكثر أو أقل، من خزينة "مزرعته" الخاصة.
والغريب أنه لم يلفت انتباه الحكام الخليجيين ولا غيرهم من حكامنا الآخرين تركيز بعض أجهزة الاعلام المناصرة لبوش ومجموعة المتشددين في إدارته على خسائر رمزية أكثر من البشرية، كتسليط الكاميرات على الآثار التي خلّفها الاعصار من اقتلاع للاشجار وهدم للبيوت مع بقاء شعار "ماكدونالد" "صامداً"، وهو الذي تعتبره الادارة الحاكمة أحد رموز الدولة الأكبر، وتقيس صداقة بعض الدول للولايات المتحدة بحجم تواجد مطاعم "الماكدونالد" في ربوعها!!
لم يتوقف حكامنا أيضاً أمام منظر الجنود الأميركيين الذين وصلوا مدججين بكامل معداتهم مؤخراً، وفي مواجهتهم عدد من الأطفال المشردين (من السود طبعاً)، ينظرون إليهم بدهشة وهلع، تماماً كما ينظر إليهم أطفال الدول الفقيرة التي حلّوا فيها قتلاً وتدميراً، وكما ينظر إليهم الآن أطفال العراق وأفغانستان!
نفس كاميرات الاعلام المؤيد لبوش ومجموعته الحاكمة ركّزت بشكل عفوي – انطلاقاً من خلفيتها الثقافية – على انقاذ القوات الاميركية كلباً من البحر، ونقله – بكل لطلف – في قارب الى الشاطىء، بينما يظهر خلف الصورة أطفال (من السود أيضاً) وهم يرفعون أياديهم بالاستغاثة داخل مركب صغير آخر يبدو على وشك الغرق!
هل هي الصدفة التي عرّت الدولة الأكبر أمام العالم عندما انكشفت كل مظاهر التقدم والحضارة التي يُروّج لها أمام منظر تحوّل الولايات الجنوبية المنكوبة الى ما يشبه مدن الهنود الحمر وقد استُبيحت من قبل الرجل الأبيض، واقتحمها "الكاوبوي" يعيث بها نهباً وتقتيلاً، وظهرت زعيمة "العالم الحر" التي تُعطي للآخرين دروساً في الاصلاح، وتريد فرض الأمن والأمان عليهم بالقوة كساحة نَشْل في أكثر بقاع الأرض تخلّفاً، تكتظّ بالقتلة، وناهبي المتاجر والمؤسسات، والباحثين عن المخدرات بأية وسيلة؟
لقد أعاد هذا المشهد الى الأذهان نظيره الذي حدث عشية سقوط بغداد تحت الاحتلال أمام جنده وقواته، فنُهبت المتاحف والمؤسسات والبيوت ولم تسلم إلاّ وزارة النفط وحدها... لا غير، وهو ما يؤكد للعالم التوجّه الارهابي والمتطرف وغير الأخلاقي الذي ينتهجه الطاقم الحاكم في البيت الأبيض!
ثم، هل هي الصدفة وحدها أيضاً التي شابهت بين سقوط مئات العراقيين صرعى من التدافع على جسر الأئمة، وسقوط عدد من القتلى الأميركان بفعل التدافع هرباً من الغرق على جسر في ضواحي أريزونا أيضاً؟!
سؤال بديهي: لماذا لم يتحرك العقيد القذافي هذه المرة للّحاق بمسيرة المنافقين بعد كل الذي فعله. أليس معظم المنكوبين من السود، الأفارقة الأصل، أم أن سبب تقاعسه – هو الآخر – يعود إلى كونهم كذلك؟!
شبكة البصرة
الاحد 14 شعبان 1426 / 18 أيلول 2005
يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
نبيل أبو جعفر - البيادر
لم يتوقف الحكام الخليجيون في زحمة تسابقهم النفاقي لمساعدة الولايات المتحدة في مواجهة إعصار "كاترينا" أمام الكثير من المؤشرات الإلهية والإنسانية، والعديد من العلائم المذهلة إذا ما تمّ إمعان النظر في مشهد الكارثة التي خلّفها، وليس في ذلك أية غرابة.
فالحكام الخليجيون لم ينتصروا لأهل المنطقة الجنوبية المنكوبة بالإعصار كبشر، ولا كان همّهم سقوط آلاف القتلى وعشرات الآلاف من المشردين، ومعظمهم من الفقراء السود، الأفارقة الأصل، الذين يُعاملهم حكام بلدهم وكأنهم من مواطني الدرجة الثانية، ولم يتحركوا لنجدتهم بالسرعة المطلوبة، ولا بالجاهزية التي تُعبّر عن قدرة الدولة الأقوى، كما تحّركوا عشية أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، بل كان همّهم الأول والأخير الانتصار لمن انتصر لهم، وقاتل أمتهم، للحفاظ على كراسيهم من أجل الاستفراد بمصالحه في بلادهم، عندما اهتزّ وضعه وتعالت الأصوات المعارضة ضده حتى داخل حزبه، تتهمه بالتقصير والتمييز العنصري، واعطاء الحروب الخارجية أولوية على الاهتمام بشؤون الاميركيين الداخلية.
إن من يدفع لـ "نصرة" حدائق الحيوانات في لندن، ويتبرع لها بالملايين في عزّ أيام استباحة الكيان الصهيوني لمدننا ومخيماتنا الفلسطينية واغتيال مناضلينا، دون أن يعير ذلك اهتماماً، من الطبيعي أن يهرع بكل مظاهر الذل والتبعية – وليس مظاهر الانسانية – الى "الجود" بنصف مليار دولار، أو أكثر أو أقل، من خزينة "مزرعته" الخاصة.
والغريب أنه لم يلفت انتباه الحكام الخليجيين ولا غيرهم من حكامنا الآخرين تركيز بعض أجهزة الاعلام المناصرة لبوش ومجموعة المتشددين في إدارته على خسائر رمزية أكثر من البشرية، كتسليط الكاميرات على الآثار التي خلّفها الاعصار من اقتلاع للاشجار وهدم للبيوت مع بقاء شعار "ماكدونالد" "صامداً"، وهو الذي تعتبره الادارة الحاكمة أحد رموز الدولة الأكبر، وتقيس صداقة بعض الدول للولايات المتحدة بحجم تواجد مطاعم "الماكدونالد" في ربوعها!!
لم يتوقف حكامنا أيضاً أمام منظر الجنود الأميركيين الذين وصلوا مدججين بكامل معداتهم مؤخراً، وفي مواجهتهم عدد من الأطفال المشردين (من السود طبعاً)، ينظرون إليهم بدهشة وهلع، تماماً كما ينظر إليهم أطفال الدول الفقيرة التي حلّوا فيها قتلاً وتدميراً، وكما ينظر إليهم الآن أطفال العراق وأفغانستان!
نفس كاميرات الاعلام المؤيد لبوش ومجموعته الحاكمة ركّزت بشكل عفوي – انطلاقاً من خلفيتها الثقافية – على انقاذ القوات الاميركية كلباً من البحر، ونقله – بكل لطلف – في قارب الى الشاطىء، بينما يظهر خلف الصورة أطفال (من السود أيضاً) وهم يرفعون أياديهم بالاستغاثة داخل مركب صغير آخر يبدو على وشك الغرق!
هل هي الصدفة التي عرّت الدولة الأكبر أمام العالم عندما انكشفت كل مظاهر التقدم والحضارة التي يُروّج لها أمام منظر تحوّل الولايات الجنوبية المنكوبة الى ما يشبه مدن الهنود الحمر وقد استُبيحت من قبل الرجل الأبيض، واقتحمها "الكاوبوي" يعيث بها نهباً وتقتيلاً، وظهرت زعيمة "العالم الحر" التي تُعطي للآخرين دروساً في الاصلاح، وتريد فرض الأمن والأمان عليهم بالقوة كساحة نَشْل في أكثر بقاع الأرض تخلّفاً، تكتظّ بالقتلة، وناهبي المتاجر والمؤسسات، والباحثين عن المخدرات بأية وسيلة؟
لقد أعاد هذا المشهد الى الأذهان نظيره الذي حدث عشية سقوط بغداد تحت الاحتلال أمام جنده وقواته، فنُهبت المتاحف والمؤسسات والبيوت ولم تسلم إلاّ وزارة النفط وحدها... لا غير، وهو ما يؤكد للعالم التوجّه الارهابي والمتطرف وغير الأخلاقي الذي ينتهجه الطاقم الحاكم في البيت الأبيض!
ثم، هل هي الصدفة وحدها أيضاً التي شابهت بين سقوط مئات العراقيين صرعى من التدافع على جسر الأئمة، وسقوط عدد من القتلى الأميركان بفعل التدافع هرباً من الغرق على جسر في ضواحي أريزونا أيضاً؟!
سؤال بديهي: لماذا لم يتحرك العقيد القذافي هذه المرة للّحاق بمسيرة المنافقين بعد كل الذي فعله. أليس معظم المنكوبين من السود، الأفارقة الأصل، أم أن سبب تقاعسه – هو الآخر – يعود إلى كونهم كذلك؟!
شبكة البصرة
الاحد 14 شعبان 1426 / 18 أيلول 2005
يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس