lkhtabi
19-09-2005, 03:43 PM
شبكة البصرة
أبو علي التميمي
قبلَ أنْ يَحْزمَ الكسندر لوكاشينكو رئيسُ بيلاروسا حقيبتَهُ لحضور قمَّة الأمم المتَّحدةِ العالمية أعَادَ قراءةِ كلمتَهُ التي أعدَّها للقمَّة .. ابتسمَ ثمَّ التفتَ لمساعدهِ .. ما سأقرؤُهُ سيثيرُ حفيظة الأمريكان قالها وهوَ يسلِّمُهُ الأوراق الأنيقة .. لمْ يستغربْ ذلك المساعدُ الشابُ ممَّا قاله رئيسُهُ آخرُ الدكتاتوريين في أوربا الشرقيةِ كما تصرُ للولاياتُ المتَّحدةُ الأمريكيِّة ومجلس أوربا على تسميتهِ بسببِ إخفاق بيلاروسيا (في تلبيةِ معايير الديمقراطية وحقوق الإنسان!!) هذا الرئيسُ الديكتاتوري العنيدُ يتمنىَّ لو أنَّ الاتحادَ السوفيتي ما زالَ حيِّاً يُرزق ولمْ يحقنْهُ غورباتشوف حقنة الموت لكي يكونَ هناك توازنٌ معقولٌ للقِوى على الكرةِ الأرضيِّةِ التي أنهكتها أقدامُ اللاَّعب الأمريكي المهاجم دائماً! والذي يشقُ شباكَ خصومهِ بالضرباتِ الناريِّةِ الصاعقةِ الحارقةِ رغمَ أيدي مُساعدي الحَكَم التي ترفعُ راياتِ التسلل وصيحاتِ الجُمهور وغضبهمْ واستنكارهمْ للتحكيم المُهَادن الجَبَان ومعَ هذا فهي أهدافٌ رسميِّة ٌصاعقة ٌحارقة تشقُ شباكَ الخُصوم يُسدِّدُها اللاَّعبُ الأمريكيُ المُهاجمُ دائماً!! أمَّا لماذا لوكاشينكو ديكتاتوريٌ فلأنَّهُ كانَ وما زالَ وسيبقى يشاهدُ مباراة اللاَّعب ِالواحدِ والهدَّافِ الواحد وهو جالسٌ مع الجُمهور الغاضبِ المُستنكر للتحكيم المُهَادن الجَبَان وليسَ معَ المُصفِّقين والهاتفين في مقصوراتِهمْ العاليةِ الذين يتقافزونَ حول اللاَّعب الأمريكي للتوقيع على جباهِهمْ للذكرى لو نفعتِ الذكرى!! ويبدو أنَّ مَنْ تُحبُهُ أمريكا فهو حتما ًعلى باطل ومَنْ تكرُههُ فهو حتما ًعلى حقّ رغمَ أنَّ محبة العزيزة أمريكا سُرعانَ ما تنتهي بانتهاء مصالحِها أو انتهاء دور ذلكَ الحبيب التعيس دائما.ً. هذا الرئيسُ الدكتاتوريُ كانَ باستطاعتهِ أنْ يتمتَّعَ بالمحبةِ الأمريكيةِ ووقفتِها الهرقليةِ بوجهِ كلِّ مَنْ ينالُ من سمعتِهِ وسمعةِ بلاده ويتشرَّفَ بينَ الحين والآخر بجُمَل المديح التي يُغدقهُ عليهِ الناطقُ باسم البيت الأبيض من على منصتهِ العاجيةِ كلما دَعَتِ المحبة لذلك ، وزيارة الهُوليودي رامسفيلد والحسناء المونليزارايز وربما يتشرَّف بمصافحة القيصر بوش الذي سيبتسمُ بوجهِ العدساتِ الفضائيةِ والمحليةِ تعبيرا ًعن صداقتهِ لشعبِ بيلاروسا واحتضانهِ الأبويِّ لرئيسِها الديمقراطي !! كيفَ لا يكونُ ديمقراطيا ًوالقيصرُ الجديدُ يُمسكُ بيدهِ في مزرعتهِ أو حانته المفضلة أمامَ أنظار العالم الأول والثاني والثالثِ عشر ! كلّ هذا كانَ يمكن أنْ يحضى بهِ لوكاشينكو لو أنهُ حصل َعلى صَكِّ الغفران الأمريكي ولكنه لمْ يفعلْ ولنْ يفعلَ ولأنَّ بيلاروسيا لا تملكُ احتياطيا ًنفطيا ًيملأ جيوب الأجيال الأمريكية التي ما زالتْ في ظهور الآباءِ وأرحام الأمَّهات والأنابيب المُختبريِّةِ ويسيلُ لُعابَ ديك تشيني وحوارييه ولأنَّ بيلاروسيا لا تشكِّلُ تهديداً لإسرائيل وليس لديها أولادُ عمومةٍ متحمِّسون لاندثارها وليس على أرضها جوامعُ إرهابية ولا مُلتحون!! من الممكن جداً أنْ يظلَّ العَدَاءُ الأمريكي لها ولرئيسها الدكتاتوري مؤجَّلاً بعضَ الوقت الذي قد يطولُ أو يقصُرُ حسب وقت القيصر المشغول حاليا ًبمشروعهِ الإصلاحي الشرق أوسطي الكبير الذي وضعَ نواتَهُ الممجَّدة في العراق من أجل سعادة البشرية المعذبة ونشر المحبة والسلام على رؤوس العراقيين الذين صاروا في ليلة ودُجاها أقربَ للقيصر من أبيهِ بوش وأمِّهِ بوشه .. ويبدو أنَّ لوكاشينكو لم يُعمَّدْ بعدُ تحت نصب الحريِّةِ الأمريكية لأنهُ ببساطةٍ يُديرُ ظهرَهُ لها بكل برودٍ متيقنا ًمن أنَّ هذهِ الحريِّة التي يُنادي بها القيصرُ ليزرعَها في النُطف الشرقيِّةِ القادمة ما هي إلا حريِّة ُالاستعبادِ والانحناءِ للسيِّدِ الأمريكي الذي يحكمُ العالمَ الآنَ بالرمونت كونترول ! لقد ابتسمَ ثانية لمساعدِهِ وهو يقفُ على منصَّةِ القمَّةِ العالميةِ ويُقرِّبُ المايكرفون من فمهِ ، لقد كانتْ ابتسامته هذه المرَّة أكثرَ صرامة بعدَ أنْ استمعَ لكلماتِ قادة العالم الأول والثاني والثالث عشر ولأنهُ انفردَ عنهمْ جميعا ًبدكتاتوريته ِ!! وهو لقبٌ تخلعُهُ الحريِّة ُالأمريكية على كلِّ مَنْ يرفضُ هيمنتهَا الإصلاحية ويقولُ لا بوجهها المتعرِّج فقد كانَ منبهرا ًللغاية بكلماتِ قادة العالم الثالث عشر الذين أطلقوا حمائِمَهُمْ البيضَ في قاعةِ الأمم المتحدة الأمريكية ! مستبشرين بإصلاحات القيصر الجديد ، لاعنينَ الإرهابَ الذي أطلقَ إعصار كاترينا من مخابئه السماويِّةِ على الشعب الأمريكي المظلوم !! وجعلَ رئيسَ البيت الأبيض يحِكُ رأسَهُ أمامَ الكاميرات بطريقةٍ شمبازيةٍ مألوفة أهانتْ وقارَهُ القيصري .. كانَ بإمكان لوكاشينكو العنيد أنْ يكونَ ذا حَضْوةٍ ملائكيةٍ لدى السيِّد الأمريكي لو أنَّهُ أبدلَ خطابَهُُ الإعلاميَ بخطاب ٍشفافٍ عقلاني فيُسمِّي الاحتلالَ تحريراً والمقاومة إرهابا ًويفتحُ أفخاذ بيلاروسيا لصقور البيت الأبيض عندها فقطْ سيكونُ ديمقراطيا ًبامتياز ويحصلُ على شهادةِ حُسْن السيرةِ والسلوكِ من الآلهة !! وهو ما نَصَحَ بهِ الناصحون الرئيسَ صدَّام حسين ممِّا دَعَا جاك استرو وزير خارجية بريطانيا للقول :( لو فعلَ صدَّام حسين ما فعله بعضُ القادة العرب وسلَّموا كلَّ شيءٍ لكانَ هو وولداهُ الآن في الحُكم ولمْ تحدثْ الحرب!!!) إنَّ لوكاشينكو كان فارسا ًبلا منازع حين وَصَفَ الاتهاماتِ الموجَّهة للرئيس صدَّام حسين بأنها لا أساس لها وبعيدة عن الواقع والسؤالُ لماذا انحاز لوكاشينكو للرئيس صدَّام حسين؟ صحيح أنَّهُ بانحيازهِ هذا شذ َّعن الديمقراطيين وخاصة ديمقراطيي العالم الثالث عشر وصحيحٌ أنه بذكْرهِ لصدَّام حسين في هكذا محفل ٍكوني أجرى أمعاء الطاقم الرئاسي الذي مثــَّلَ العراقَ وأغاظ الأخوة الكويتيين الذين سارعوا بشفط أقداح الماء التي أمامهمْ وهمْ يتلفتون من الصَّدى المُدوِّي لهذا الاسم الذي ستظلُ دشاديشهمْ مبللة إلى يومَ يُبعثونَ من مُجرَّدِ ذكرهِ .. أقولُ أن انحيازَ العنيد لوكاشينكو لصدَّام حسين له أسبابُهُ فصدَّام حسين كانَ وسيبقى الصادقَ الوحيدَ في زمن الكذبِ هذا ، وهوَ مبرَّرٌ يراهُ لوكاشينكو كافيا ومنطقيِّا ًليقولَ ما قاله بشجاعة ، إنه ببساطةٍ أرادَ أنْ يُوصلَ لخصومه وخصوم صدَّام حسين على حدٍّ سواء كلماتِ جان بييرشوفينمان وزير الدفاع الفرنسي الأسبق والذي قدَّمَ استقالته بعد حرب الخليج الثانية قالَ هذا الوزيرُ الذي يُعَدُ من الديغوليين الكبار: ( لثلاثِ مرَّاتٍ يقوم ُالغربُ بتحطيم حُلُمَ النهضةِ العربية الذي بدأ بمحمد علي باشا وجمال عبد الناصر وأخيرا بصدَّام حسين) وأكثر من هذا إنه أرادَ أنْ يفتحَ أمامهم كتابَ (سادة العالم) لجون بلجر الذي يصفُ نظام صدَّام حسين بالآتي: ( أكثر نظام في العالم العربي استثمرَ في البُنى التحتية وفي الاقتصاد فمليارات الدولارات أنفقت على الطلبة العراقيين داخل العراق وخارجه وعلى العسكريين العراقيين الذين كانوا يملأون الدورات التدريبية في العالم على نفقة الدولة) فكان لزاما ًعلى القيصر الجديد أنْ يُنهي أسطورة المُوْس الذي لا يستطيعُ ابتلاعه ولا إخراجَهُ على طريقتهِ الهوليودية المعروفة ومع هذا سيبقى صدَّام حسين أسطورة وهو ما لا يستطيع القيصر نكرانه .. كم ْفي هذا العالم المترامي الأطراف مَنْ يرى ما يراه لوكاشينكو في صدَّام حسين إنه سؤال لا تسعه بناية الأمم المتحدة الأمريكية ولا قمَّتُها العالمية ولا المصفقون والهاتفون من مقصوراتهم العالية الذين يتقافزون أمام اللاَّعبِ الأمريكي للتوقيع على جباهِهمْ للذكرى لو نفعت الذكرى!! حين نَزلَ لوكاشينكو من المنصَّةِ ابتسمَ للمرَّةِ الثالثة لمساعده الشاب ولكنها ابتسامة الرِّضا هذه المرة .. أحييك أيّها العنيدُ الشجاع ....
شبكة البصرة
الاحد 14 شعبان 1426 / 18 أيلول 2005
يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
أبو علي التميمي
قبلَ أنْ يَحْزمَ الكسندر لوكاشينكو رئيسُ بيلاروسا حقيبتَهُ لحضور قمَّة الأمم المتَّحدةِ العالمية أعَادَ قراءةِ كلمتَهُ التي أعدَّها للقمَّة .. ابتسمَ ثمَّ التفتَ لمساعدهِ .. ما سأقرؤُهُ سيثيرُ حفيظة الأمريكان قالها وهوَ يسلِّمُهُ الأوراق الأنيقة .. لمْ يستغربْ ذلك المساعدُ الشابُ ممَّا قاله رئيسُهُ آخرُ الدكتاتوريين في أوربا الشرقيةِ كما تصرُ للولاياتُ المتَّحدةُ الأمريكيِّة ومجلس أوربا على تسميتهِ بسببِ إخفاق بيلاروسيا (في تلبيةِ معايير الديمقراطية وحقوق الإنسان!!) هذا الرئيسُ الديكتاتوري العنيدُ يتمنىَّ لو أنَّ الاتحادَ السوفيتي ما زالَ حيِّاً يُرزق ولمْ يحقنْهُ غورباتشوف حقنة الموت لكي يكونَ هناك توازنٌ معقولٌ للقِوى على الكرةِ الأرضيِّةِ التي أنهكتها أقدامُ اللاَّعب الأمريكي المهاجم دائماً! والذي يشقُ شباكَ خصومهِ بالضرباتِ الناريِّةِ الصاعقةِ الحارقةِ رغمَ أيدي مُساعدي الحَكَم التي ترفعُ راياتِ التسلل وصيحاتِ الجُمهور وغضبهمْ واستنكارهمْ للتحكيم المُهَادن الجَبَان ومعَ هذا فهي أهدافٌ رسميِّة ٌصاعقة ٌحارقة تشقُ شباكَ الخُصوم يُسدِّدُها اللاَّعبُ الأمريكيُ المُهاجمُ دائماً!! أمَّا لماذا لوكاشينكو ديكتاتوريٌ فلأنَّهُ كانَ وما زالَ وسيبقى يشاهدُ مباراة اللاَّعب ِالواحدِ والهدَّافِ الواحد وهو جالسٌ مع الجُمهور الغاضبِ المُستنكر للتحكيم المُهَادن الجَبَان وليسَ معَ المُصفِّقين والهاتفين في مقصوراتِهمْ العاليةِ الذين يتقافزونَ حول اللاَّعب الأمريكي للتوقيع على جباهِهمْ للذكرى لو نفعتِ الذكرى!! ويبدو أنَّ مَنْ تُحبُهُ أمريكا فهو حتما ًعلى باطل ومَنْ تكرُههُ فهو حتما ًعلى حقّ رغمَ أنَّ محبة العزيزة أمريكا سُرعانَ ما تنتهي بانتهاء مصالحِها أو انتهاء دور ذلكَ الحبيب التعيس دائما.ً. هذا الرئيسُ الدكتاتوريُ كانَ باستطاعتهِ أنْ يتمتَّعَ بالمحبةِ الأمريكيةِ ووقفتِها الهرقليةِ بوجهِ كلِّ مَنْ ينالُ من سمعتِهِ وسمعةِ بلاده ويتشرَّفَ بينَ الحين والآخر بجُمَل المديح التي يُغدقهُ عليهِ الناطقُ باسم البيت الأبيض من على منصتهِ العاجيةِ كلما دَعَتِ المحبة لذلك ، وزيارة الهُوليودي رامسفيلد والحسناء المونليزارايز وربما يتشرَّف بمصافحة القيصر بوش الذي سيبتسمُ بوجهِ العدساتِ الفضائيةِ والمحليةِ تعبيرا ًعن صداقتهِ لشعبِ بيلاروسا واحتضانهِ الأبويِّ لرئيسِها الديمقراطي !! كيفَ لا يكونُ ديمقراطيا ًوالقيصرُ الجديدُ يُمسكُ بيدهِ في مزرعتهِ أو حانته المفضلة أمامَ أنظار العالم الأول والثاني والثالثِ عشر ! كلّ هذا كانَ يمكن أنْ يحضى بهِ لوكاشينكو لو أنهُ حصل َعلى صَكِّ الغفران الأمريكي ولكنه لمْ يفعلْ ولنْ يفعلَ ولأنَّ بيلاروسيا لا تملكُ احتياطيا ًنفطيا ًيملأ جيوب الأجيال الأمريكية التي ما زالتْ في ظهور الآباءِ وأرحام الأمَّهات والأنابيب المُختبريِّةِ ويسيلُ لُعابَ ديك تشيني وحوارييه ولأنَّ بيلاروسيا لا تشكِّلُ تهديداً لإسرائيل وليس لديها أولادُ عمومةٍ متحمِّسون لاندثارها وليس على أرضها جوامعُ إرهابية ولا مُلتحون!! من الممكن جداً أنْ يظلَّ العَدَاءُ الأمريكي لها ولرئيسها الدكتاتوري مؤجَّلاً بعضَ الوقت الذي قد يطولُ أو يقصُرُ حسب وقت القيصر المشغول حاليا ًبمشروعهِ الإصلاحي الشرق أوسطي الكبير الذي وضعَ نواتَهُ الممجَّدة في العراق من أجل سعادة البشرية المعذبة ونشر المحبة والسلام على رؤوس العراقيين الذين صاروا في ليلة ودُجاها أقربَ للقيصر من أبيهِ بوش وأمِّهِ بوشه .. ويبدو أنَّ لوكاشينكو لم يُعمَّدْ بعدُ تحت نصب الحريِّةِ الأمريكية لأنهُ ببساطةٍ يُديرُ ظهرَهُ لها بكل برودٍ متيقنا ًمن أنَّ هذهِ الحريِّة التي يُنادي بها القيصرُ ليزرعَها في النُطف الشرقيِّةِ القادمة ما هي إلا حريِّة ُالاستعبادِ والانحناءِ للسيِّدِ الأمريكي الذي يحكمُ العالمَ الآنَ بالرمونت كونترول ! لقد ابتسمَ ثانية لمساعدِهِ وهو يقفُ على منصَّةِ القمَّةِ العالميةِ ويُقرِّبُ المايكرفون من فمهِ ، لقد كانتْ ابتسامته هذه المرَّة أكثرَ صرامة بعدَ أنْ استمعَ لكلماتِ قادة العالم الأول والثاني والثالث عشر ولأنهُ انفردَ عنهمْ جميعا ًبدكتاتوريته ِ!! وهو لقبٌ تخلعُهُ الحريِّة ُالأمريكية على كلِّ مَنْ يرفضُ هيمنتهَا الإصلاحية ويقولُ لا بوجهها المتعرِّج فقد كانَ منبهرا ًللغاية بكلماتِ قادة العالم الثالث عشر الذين أطلقوا حمائِمَهُمْ البيضَ في قاعةِ الأمم المتحدة الأمريكية ! مستبشرين بإصلاحات القيصر الجديد ، لاعنينَ الإرهابَ الذي أطلقَ إعصار كاترينا من مخابئه السماويِّةِ على الشعب الأمريكي المظلوم !! وجعلَ رئيسَ البيت الأبيض يحِكُ رأسَهُ أمامَ الكاميرات بطريقةٍ شمبازيةٍ مألوفة أهانتْ وقارَهُ القيصري .. كانَ بإمكان لوكاشينكو العنيد أنْ يكونَ ذا حَضْوةٍ ملائكيةٍ لدى السيِّد الأمريكي لو أنَّهُ أبدلَ خطابَهُُ الإعلاميَ بخطاب ٍشفافٍ عقلاني فيُسمِّي الاحتلالَ تحريراً والمقاومة إرهابا ًويفتحُ أفخاذ بيلاروسيا لصقور البيت الأبيض عندها فقطْ سيكونُ ديمقراطيا ًبامتياز ويحصلُ على شهادةِ حُسْن السيرةِ والسلوكِ من الآلهة !! وهو ما نَصَحَ بهِ الناصحون الرئيسَ صدَّام حسين ممِّا دَعَا جاك استرو وزير خارجية بريطانيا للقول :( لو فعلَ صدَّام حسين ما فعله بعضُ القادة العرب وسلَّموا كلَّ شيءٍ لكانَ هو وولداهُ الآن في الحُكم ولمْ تحدثْ الحرب!!!) إنَّ لوكاشينكو كان فارسا ًبلا منازع حين وَصَفَ الاتهاماتِ الموجَّهة للرئيس صدَّام حسين بأنها لا أساس لها وبعيدة عن الواقع والسؤالُ لماذا انحاز لوكاشينكو للرئيس صدَّام حسين؟ صحيح أنَّهُ بانحيازهِ هذا شذ َّعن الديمقراطيين وخاصة ديمقراطيي العالم الثالث عشر وصحيحٌ أنه بذكْرهِ لصدَّام حسين في هكذا محفل ٍكوني أجرى أمعاء الطاقم الرئاسي الذي مثــَّلَ العراقَ وأغاظ الأخوة الكويتيين الذين سارعوا بشفط أقداح الماء التي أمامهمْ وهمْ يتلفتون من الصَّدى المُدوِّي لهذا الاسم الذي ستظلُ دشاديشهمْ مبللة إلى يومَ يُبعثونَ من مُجرَّدِ ذكرهِ .. أقولُ أن انحيازَ العنيد لوكاشينكو لصدَّام حسين له أسبابُهُ فصدَّام حسين كانَ وسيبقى الصادقَ الوحيدَ في زمن الكذبِ هذا ، وهوَ مبرَّرٌ يراهُ لوكاشينكو كافيا ومنطقيِّا ًليقولَ ما قاله بشجاعة ، إنه ببساطةٍ أرادَ أنْ يُوصلَ لخصومه وخصوم صدَّام حسين على حدٍّ سواء كلماتِ جان بييرشوفينمان وزير الدفاع الفرنسي الأسبق والذي قدَّمَ استقالته بعد حرب الخليج الثانية قالَ هذا الوزيرُ الذي يُعَدُ من الديغوليين الكبار: ( لثلاثِ مرَّاتٍ يقوم ُالغربُ بتحطيم حُلُمَ النهضةِ العربية الذي بدأ بمحمد علي باشا وجمال عبد الناصر وأخيرا بصدَّام حسين) وأكثر من هذا إنه أرادَ أنْ يفتحَ أمامهم كتابَ (سادة العالم) لجون بلجر الذي يصفُ نظام صدَّام حسين بالآتي: ( أكثر نظام في العالم العربي استثمرَ في البُنى التحتية وفي الاقتصاد فمليارات الدولارات أنفقت على الطلبة العراقيين داخل العراق وخارجه وعلى العسكريين العراقيين الذين كانوا يملأون الدورات التدريبية في العالم على نفقة الدولة) فكان لزاما ًعلى القيصر الجديد أنْ يُنهي أسطورة المُوْس الذي لا يستطيعُ ابتلاعه ولا إخراجَهُ على طريقتهِ الهوليودية المعروفة ومع هذا سيبقى صدَّام حسين أسطورة وهو ما لا يستطيع القيصر نكرانه .. كم ْفي هذا العالم المترامي الأطراف مَنْ يرى ما يراه لوكاشينكو في صدَّام حسين إنه سؤال لا تسعه بناية الأمم المتحدة الأمريكية ولا قمَّتُها العالمية ولا المصفقون والهاتفون من مقصوراتهم العالية الذين يتقافزون أمام اللاَّعبِ الأمريكي للتوقيع على جباهِهمْ للذكرى لو نفعت الذكرى!! حين نَزلَ لوكاشينكو من المنصَّةِ ابتسمَ للمرَّةِ الثالثة لمساعده الشاب ولكنها ابتسامة الرِّضا هذه المرة .. أحييك أيّها العنيدُ الشجاع ....
شبكة البصرة
الاحد 14 شعبان 1426 / 18 أيلول 2005
يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس