البصري
14-09-2005, 08:20 AM
بما أنّ هذا المنتدى المبارك له أهداف محدّدة في مناصرة الحق العراقي ( حق الأمة جميعها ) والعاملين على نصر هذا الحق ؛ فالمفروض أن يكون كل ما يُكتب فيه ويُنقل إليه يصُبّ في بحر تحقيق هذه الأهداف ؛ وتثبيتها في أذهان وقلوب القرّاء الأعزّاء ؛ ورفع الغشاوة ونفض تراب الأوهام التي عفّرتهم بها وسائل إعلام الكفر والأذناب ؛ وتقديم حقيقة قضية العراق الإسلامية الجهادية وقيادة العراق المؤمنة ناصعة ساطعة لهم .
ومن جملة تحقيق ذلك : نقل نوعية خاصّة من الأخبار والمقالات ( لاكل ما يُكتب بخبط عشواء ) تخدم أهداف المنتدى ؛ وتنصف المقاومة .. وعلى المشرفين الأكارم متابعة كل ما يُكتب ؛ والتصرّف في شأن ما يُمزّق هذه الأهداف .
وهنا سأنقل ــ بعون الله مقالاً كُتب في " شبكة البصرة" اليوم واُقدمه نموذجا لتحقيق ما أدعو إليه ( جاء النقل بتصرّف لا يُغيّر مغزى المقال ومركزيته ، ويخدم أهدافنا الحقّة ) ؛ وارجو من الله المغفرة والرضوان : ــ
[[ جرائم قوات الاحتلال الاميركي وأتباعها وصلت ذروتها في تلّعفر.. فماذا بعد؟
هل جاءت لحظة استعمال المقاومة العراقية
السلاح "غير التقليدي"
شبكة البصرة
نبيل أبو جعفر - باريس
مجلة البيادر السياسي
محافظ البنك المركزي العراقي السابق الدكتور عصام حويش لم يكن عضواً في مجلس قيادة الثورة، ولا على قائمة المطلوبين الـ 55 من قبل قوات الاحتلال، ومع ذلك ما زال نزيل سجن معسكر كروبر منذ أكثر من سنتين، وتحديداً منذ 26 حزيران/يونيو 2003!
ورغم مناشداته العديدة لمنظمات المجتمع المدني والصليب الأحمر وغيرهما للتحرك من أجل اطلاق سراحه، وسعي محاميه بديع عارف في هذا الاتجاه، إلاّ أن القوات الأميركية لم تحرّك ساكناً، وما زالت تحتفظ به ، فما سرّ هذا الموقف؟
محامي حويش يؤكد أن ملفه لدى قوات الاحتلال لا يدلّ على أي تهمة "إرهابية"، أو مسؤولية سياسية أو جنائية. لكن ما يحتويه الملف – حسب معلوماتنا – شيء، وما يُغيظ قوات الاحتلال شيء آخر في بعض الأحيان. فهو في نظرهم مجرم ارتكب جريمة لا تُغتفَر.
ويعود سبب هذا الموقف إلى أنه في الليلة التـي سبقت شن الحرب ضد العراق أي عشيّة 19 آذار 2003 قد سلّم وزير المالية العراقي حكمت فريان وقصي صدام حسين مبلغ مليار دولار من خزينة البنك المركزي(1) بناءً على أمر رسمي من رئيس الجمهورية، بهدف الحفاظ عليه من مفاجآت الحرب، وتحسباً لأية احتمالات أو احتياجات لمتطلبات المواجهة المستقبلية، وهو ما حصل لاحقاً بالفعل.
هذا "الجرم" الذي ارتكبه مدير البنك المركزي في إطار وظيفته وقانون الدولة العراقية تنبع خُطورته القصوى بالنسبة للاميركان من الآثار التـي رتّبها توفير هذا الاحتياطي الكبير من المال لحركة المقاومة المتصاعدة. ولهذا فإن تصرف حويش وإن كان في ضوء الواجب ومتطلبات عمله إلاّ أنه في نظر الاميركان أيضاً لا يقلّ خطورة عن مسؤولية أركان النظام الذي أسقطوه بقوة أسلحة التدمير الشاملة.
ويأتي حكم الاميركان هذا انطلاقاً من اعتقادهم أن المال – بالدرجة الأولى هو الذي يوفّر مستلزمات المقاومة والصمود، متجاهلين (رغم أهمية هذا الجانب) عزيمة الرجال وطبيعة الانسان العربي العراقي الحرّ، مع أن بعض رجال المعارضة التابعة لهم حذّرهم من هذه الناحية الخطيرة والهامة، ولفت نظرهم الى حجم القوة البشرية المعادية التي تواجههم.
ففي معرض تحريضه الاميركان ضد نظام بلده قام واحد من المشاركين في أحد مؤتمرات المعارضة ويُدعى سمير الياسري بتنبيه الحاضرين – وهو يقصد المندوبين الاميركي والبريطاني بشكل أساس – قائلاً بانفعال: "علينا الانتباه أن هناك 8 ملايين عراقي أو أكثر في الأجهزة الأمنية والعسكرية للنظام (هذا عدا المدنيين!)، ولا بدّ من السؤال أين سيذهب هؤلاء ؛ وكيف يمكننا أن نتعامل معهم أو نواجههم؟
ولم يدر الياسري وقتها أن هذا الوضع العسكري والأمني الذي أراد اعتباره من قبيل الإدانة للنظام واستهدف تحريض الأميركان والانجليز عليه هو الحالة النضالية التي ستسود بعد ذلك، والتي ستضع قوات الاحتلال في جحيم لن يخرجوا منه بسلام.
الإعداد المسبق لكل الاحتمالات
لا شكّ أن العسكريين والأمنيين (عدا المدنيين) لم يتحوّلوا بين غمضة عين وأخرى إلى فصائل تتفنن فنون الحرب الشعبية وتذيق الاحتلال ما لم يحلم به من الخسائر، إلاّ نتيجة اعداد نفسي وتعبئة وايمان، ونتيجة خطّة معدّة سلفاً لمواجهة كل احتمالات هذه الحرب الإبادية، كشفت بعض الجوانب عنها تقارير كبار المفتشين التي قالت أن الرئيس صدام تأكّدت لديه قناعة في الأسابيع الأخيرة بأن الحرب قائمة لا محالة، وأن العراق قادر على وقف تقدّم القوات الغازية لمدة شهر على الأقل. ولكنه طلب من كبار المسؤولين السياسيين والعسكريين في آخر لقاء مع كل فريق منهم إعاقة القوات المعادية لمدة أسبوع – على ذمة أحد التقارير – وبعد ذلك، سيُكمل الرئيس بنفسه باقي المهمة، كما قال.
وأياً كانت درجة الدقة في تفاصيل هذه المعلومات، إلاّ أنها عَنَتْ بالنسبة لقارئي هذه التقارير من المسؤولين الأميركيين أحد احتمالين: إما أن العراق سيلجأ الى استعمال الأسلحة الكيماوية بالرغم من تأكيده مراراً على عدم امتلاكها، وهو ما كانت تركّز عليه المعلومات المخابراتية التي كانت تصب في مكاتب البنتاغون و"السي.آي.إيه" حتى قبل 72 ساعة من شن الحرب كما ورد في تقرير المفتش شارل دولفر. وإما أنه سيلجأ الى وسيلة أخرى للقتال.
وقد تبيّن لاحقاً وبعد أقل من شهر على احتلال بغداد أن الاحتمال الثاني هو الذي كان مقصوداً ومعداً له، في ظل قناعة – لا يجوز الاعلان عنها في حالة الحرب – من أن المواجهة العسكرية التقليدية المفروضة على بلد نامٍ، وبعد 13 عاماً من الحصار مع أكبر قوة في العالم تحتاج الى مقاومة شعبية مسلحة، يُعدّ لها بشكل في منتهى الجدية، وهو التفسير المنطقي لما كان يصبّ في دوائر صنع القرار بواشنطن حول انشغال وحدات الجيش العراقي بـ "تهريب" أسلحتها خارج القواعد العسكرية المعروفة الى أماكن سرية، ثم انشغال قوات خاصة بترتيب انطلاق المقاومة وتدريب عناصرها الجديدة من المتطوعين العرب القادمين قبل الغزو، وصولاً الى الأمر الذي أذاعه الرئيس صدام بصوته قبل ايام من احتلال بغداد طالباً فيه من كل عسكري التوجّه الى أقرب وحدة له، والذي أثار العديد من التساؤلات حول مقصده الحقيقي منه.
حتمية نهاية الاحتلال
طبعاً لم يتضمن أي تقرير للمفتشين أو القادة العسكريين الاميركيين أي توقع لمثل هذه الانطلاقة السريعة والنوعية للمقاومة، فكيف بتصاعدها كمّاً ونوعاً حتى اليوم، وما يؤكده هذا التصاعد من وجود ثوابت راسخة وقيادة عراقية كفؤة وقادرة على التحرك والمناورة دون أن تُمكّن العدو منها.
إن تتابع العمليات النوعية المذهلة للمقاومة في هذه الأيام، وقدرتها على التكيف في مواجهة مخططات قوات الاحتلال وأعوانها، ثم الردّ المؤلم عليها دفع أكثر المراقبين انحيازاً للاحتلال الى توقع نهايته الحتمية عما قريب، بعد أن بدأت قواته تفقد سيطرتها على الوضع العام في العراق من وجهتيه الأمنية والسياسية. كما اعترفت بذلك صحيفة "الفايننشال تايمز" في عددها الصادر يوم الأربعاء الأول من حزيران الماضي، وهو ما دفع الانسان العربي البسيط الى الاستبشار بأن هذه المقاومة تمثل ثورة تحرير البشرية من الطغيان الاميركي، والعامل الأساسي لتقويض مشروع "الشرق الأوسط الكبير"، وإنهاء مقولة "القرن الاميركي الجديد"، وما شابه.
وأمام تكريس هذا الوجه الحقيقي للمقاومة في وجه محاولات وصْفِها بالارهاب، بدأت تتكشف للعيان معلومات عن قيام تحالف إدارة الاحتلال مع النظام العراقي الحالي( غير الشرعي ؛ والمزيف ) بانشاء خلايا ارهابية هدفها الأساس تشويه صورة المقاومة الحقيقية، وتنفيذ عمليات مشينة لإلصاقها بها، وهو ما كشفته الرسالة السرية التي وجهها رئيس لجنة التنسيق الأمني والسياسي في العراق الى الجهات الرسمية وهي تتضمن محضر اجتماع اللجنة بتاريخ 26/6/2005 حول خفايا نشاطاتها والقرارات التي اتخذتها، وهو ما نشرناه في عدد سابق، وقد جاء فيه هذه الفقرة أيضاً: "5 – الاستمرار في العمليات الخاصة التي من شأنها تشويه صورة الإرهابيين وانهاء أي تعاطف معهم بين صفوف المغرّر بهم، مع الأخذ بعين الاعتبار السلبيات التـي حصلت في تنفيذ عمليات العامرية وبغداد الجديدة والشعلة ومحطة ضخ المياه، على أن يبقى نهج التصفيات هو الركن الأساسي في مواجهة الارهاب"!
لقد أسقطت المقاومة العراقية حتى الآن استراتيجية بوش للسيطرة الكاملة على العراق، وأوقعت بقواته من الخسائر ما جعلت "شعبيته" تهبط في ميزان الاستطلاعات الى أدنى مستوى وصل إليها منذ انتخابه لأول مرة، كما كلّفت بلاده من أموال المواطن الأميركي أكثر من 300 مليار دولار، وتستنزفه الآن حوالي خمسة مليارات دولار كل شهر (هدماً وتعميراً)، وهذا الرقم مرشح للتصاعد رغم كل ما يحدثه من انعكاسات سلبية خطيرة على مستقبل الاقتصاد الأميركي المصاب أساساً بالعجز، فكيف سيكون الحال الآن بعد حدوث إعصار كاترينا الذي عرّى القوة الأكبر "وبهدل" صورتها وهي عاجزة عن حماية أبناء بلدها، في الوقت الذي "تستأسد" فيه على شعوب الأرض وتمارس عربدتها كما تريد. فضلاً عن كشفه تمييزها العنصري وكيلها بمكيالين بين الأبيض والاسود، والغني والفقير!
هذه هي أميركا – بوش – تشيني – رامسفيلد، بلد كارتل السلاح، والنفط، والتزوير، والارهاب الحقيقي الذي يريد أن يفرض على بلد آخر يحتله دستوراً يلغي هويته، وانتماءه القومي( والإسلامي )، ويُشرّع بنود تقسيمه الى دويلات وملل وقوميات، ويفتح طريق استعباده الى الأبد، وإلاّ فالحرب هي البديلّ!
هذا الدستور الذي يُراد نسف العراق بأسلوب صياغته الحالية تتوقع القوى العراقية الشريفة أن ينقلب وبالاً على رأس الاحتلال واتباعه، وقد بدأت تطالعنا أخبار بشائر توحيد صفوف هذه القوى في جبهة وطنية تستهدف اسقاط مشروع الدستور الملغوم، واكمال مسيرة التحرير،
إن كل ما يجري على أرض العراق اليوم، رغم النزف والضحايا التي تمثلّت آخر صورها البطولية فيما شهدته مدينة تلعفر، وتهديد المقاومة باستعمال "السلاح غير التقليدي في مواجهة الاجرام الرسمي"، ليس إلاّ تأكيداً على استحالة انتصار الاحتلال، وحتمية رحيله القريب مع قرب المعركة الكبرى التي يجري توقعها منذ زمن، وقد توفرّت مستلزماتها ورُسمت استراتيجيتها من داخل ربوع العراق المقاتل، وليس في ندوة خطابية أو مؤتمر، كما حصل في... بيروت.
شبكة البصرة
الاربعاء 10 شعبان 1426 / 14 أيلول 2005 ]]
(1) الحقيقة أنّ قيادة العراق سحبتْ كل موجودات وأموال وذهب المصرف المركزي العراقي قبل بدء حملة الكفر النصراني اليهودي الإلحادي على العراق في 3/ 2003 ؛ وليس المسحوب مليار دولار فقط .. إنّ أي حكومة تتوقّع خطراً قريباً يُداهم بلادها ( بل عاصمة دولتها ) ؛ وقد أعدّتْ هي خطة لقتاله وتدميره تحت الأرض ، لا تترك للعدو ثروة البلاد ( المنقولة ) ؛ وأسرار الدولة ( في الدوواين والمستندات والوثائق والكتب والأوراق والأقراص الحاسوبية المدمجة ؛ وغيرها ) لقمةً سائغة يتمتّع بها ؛ ويستعين بها على محاربة الدولة وإفقار شعبها والقضاء على مقاومتها .. إنّه مِن البدهي أنّ القيادة تسعّى حثيثاً وبسرية تامّة لإخفاء وسحب وتخزين هذه الثروات والوثائق ؛ كما سعتْ لإخفاء أسلحتها وقواتها المسلحة وهياكلها وخططها العسكرية والسياسية .
ومن جملة تحقيق ذلك : نقل نوعية خاصّة من الأخبار والمقالات ( لاكل ما يُكتب بخبط عشواء ) تخدم أهداف المنتدى ؛ وتنصف المقاومة .. وعلى المشرفين الأكارم متابعة كل ما يُكتب ؛ والتصرّف في شأن ما يُمزّق هذه الأهداف .
وهنا سأنقل ــ بعون الله مقالاً كُتب في " شبكة البصرة" اليوم واُقدمه نموذجا لتحقيق ما أدعو إليه ( جاء النقل بتصرّف لا يُغيّر مغزى المقال ومركزيته ، ويخدم أهدافنا الحقّة ) ؛ وارجو من الله المغفرة والرضوان : ــ
[[ جرائم قوات الاحتلال الاميركي وأتباعها وصلت ذروتها في تلّعفر.. فماذا بعد؟
هل جاءت لحظة استعمال المقاومة العراقية
السلاح "غير التقليدي"
شبكة البصرة
نبيل أبو جعفر - باريس
مجلة البيادر السياسي
محافظ البنك المركزي العراقي السابق الدكتور عصام حويش لم يكن عضواً في مجلس قيادة الثورة، ولا على قائمة المطلوبين الـ 55 من قبل قوات الاحتلال، ومع ذلك ما زال نزيل سجن معسكر كروبر منذ أكثر من سنتين، وتحديداً منذ 26 حزيران/يونيو 2003!
ورغم مناشداته العديدة لمنظمات المجتمع المدني والصليب الأحمر وغيرهما للتحرك من أجل اطلاق سراحه، وسعي محاميه بديع عارف في هذا الاتجاه، إلاّ أن القوات الأميركية لم تحرّك ساكناً، وما زالت تحتفظ به ، فما سرّ هذا الموقف؟
محامي حويش يؤكد أن ملفه لدى قوات الاحتلال لا يدلّ على أي تهمة "إرهابية"، أو مسؤولية سياسية أو جنائية. لكن ما يحتويه الملف – حسب معلوماتنا – شيء، وما يُغيظ قوات الاحتلال شيء آخر في بعض الأحيان. فهو في نظرهم مجرم ارتكب جريمة لا تُغتفَر.
ويعود سبب هذا الموقف إلى أنه في الليلة التـي سبقت شن الحرب ضد العراق أي عشيّة 19 آذار 2003 قد سلّم وزير المالية العراقي حكمت فريان وقصي صدام حسين مبلغ مليار دولار من خزينة البنك المركزي(1) بناءً على أمر رسمي من رئيس الجمهورية، بهدف الحفاظ عليه من مفاجآت الحرب، وتحسباً لأية احتمالات أو احتياجات لمتطلبات المواجهة المستقبلية، وهو ما حصل لاحقاً بالفعل.
هذا "الجرم" الذي ارتكبه مدير البنك المركزي في إطار وظيفته وقانون الدولة العراقية تنبع خُطورته القصوى بالنسبة للاميركان من الآثار التـي رتّبها توفير هذا الاحتياطي الكبير من المال لحركة المقاومة المتصاعدة. ولهذا فإن تصرف حويش وإن كان في ضوء الواجب ومتطلبات عمله إلاّ أنه في نظر الاميركان أيضاً لا يقلّ خطورة عن مسؤولية أركان النظام الذي أسقطوه بقوة أسلحة التدمير الشاملة.
ويأتي حكم الاميركان هذا انطلاقاً من اعتقادهم أن المال – بالدرجة الأولى هو الذي يوفّر مستلزمات المقاومة والصمود، متجاهلين (رغم أهمية هذا الجانب) عزيمة الرجال وطبيعة الانسان العربي العراقي الحرّ، مع أن بعض رجال المعارضة التابعة لهم حذّرهم من هذه الناحية الخطيرة والهامة، ولفت نظرهم الى حجم القوة البشرية المعادية التي تواجههم.
ففي معرض تحريضه الاميركان ضد نظام بلده قام واحد من المشاركين في أحد مؤتمرات المعارضة ويُدعى سمير الياسري بتنبيه الحاضرين – وهو يقصد المندوبين الاميركي والبريطاني بشكل أساس – قائلاً بانفعال: "علينا الانتباه أن هناك 8 ملايين عراقي أو أكثر في الأجهزة الأمنية والعسكرية للنظام (هذا عدا المدنيين!)، ولا بدّ من السؤال أين سيذهب هؤلاء ؛ وكيف يمكننا أن نتعامل معهم أو نواجههم؟
ولم يدر الياسري وقتها أن هذا الوضع العسكري والأمني الذي أراد اعتباره من قبيل الإدانة للنظام واستهدف تحريض الأميركان والانجليز عليه هو الحالة النضالية التي ستسود بعد ذلك، والتي ستضع قوات الاحتلال في جحيم لن يخرجوا منه بسلام.
الإعداد المسبق لكل الاحتمالات
لا شكّ أن العسكريين والأمنيين (عدا المدنيين) لم يتحوّلوا بين غمضة عين وأخرى إلى فصائل تتفنن فنون الحرب الشعبية وتذيق الاحتلال ما لم يحلم به من الخسائر، إلاّ نتيجة اعداد نفسي وتعبئة وايمان، ونتيجة خطّة معدّة سلفاً لمواجهة كل احتمالات هذه الحرب الإبادية، كشفت بعض الجوانب عنها تقارير كبار المفتشين التي قالت أن الرئيس صدام تأكّدت لديه قناعة في الأسابيع الأخيرة بأن الحرب قائمة لا محالة، وأن العراق قادر على وقف تقدّم القوات الغازية لمدة شهر على الأقل. ولكنه طلب من كبار المسؤولين السياسيين والعسكريين في آخر لقاء مع كل فريق منهم إعاقة القوات المعادية لمدة أسبوع – على ذمة أحد التقارير – وبعد ذلك، سيُكمل الرئيس بنفسه باقي المهمة، كما قال.
وأياً كانت درجة الدقة في تفاصيل هذه المعلومات، إلاّ أنها عَنَتْ بالنسبة لقارئي هذه التقارير من المسؤولين الأميركيين أحد احتمالين: إما أن العراق سيلجأ الى استعمال الأسلحة الكيماوية بالرغم من تأكيده مراراً على عدم امتلاكها، وهو ما كانت تركّز عليه المعلومات المخابراتية التي كانت تصب في مكاتب البنتاغون و"السي.آي.إيه" حتى قبل 72 ساعة من شن الحرب كما ورد في تقرير المفتش شارل دولفر. وإما أنه سيلجأ الى وسيلة أخرى للقتال.
وقد تبيّن لاحقاً وبعد أقل من شهر على احتلال بغداد أن الاحتمال الثاني هو الذي كان مقصوداً ومعداً له، في ظل قناعة – لا يجوز الاعلان عنها في حالة الحرب – من أن المواجهة العسكرية التقليدية المفروضة على بلد نامٍ، وبعد 13 عاماً من الحصار مع أكبر قوة في العالم تحتاج الى مقاومة شعبية مسلحة، يُعدّ لها بشكل في منتهى الجدية، وهو التفسير المنطقي لما كان يصبّ في دوائر صنع القرار بواشنطن حول انشغال وحدات الجيش العراقي بـ "تهريب" أسلحتها خارج القواعد العسكرية المعروفة الى أماكن سرية، ثم انشغال قوات خاصة بترتيب انطلاق المقاومة وتدريب عناصرها الجديدة من المتطوعين العرب القادمين قبل الغزو، وصولاً الى الأمر الذي أذاعه الرئيس صدام بصوته قبل ايام من احتلال بغداد طالباً فيه من كل عسكري التوجّه الى أقرب وحدة له، والذي أثار العديد من التساؤلات حول مقصده الحقيقي منه.
حتمية نهاية الاحتلال
طبعاً لم يتضمن أي تقرير للمفتشين أو القادة العسكريين الاميركيين أي توقع لمثل هذه الانطلاقة السريعة والنوعية للمقاومة، فكيف بتصاعدها كمّاً ونوعاً حتى اليوم، وما يؤكده هذا التصاعد من وجود ثوابت راسخة وقيادة عراقية كفؤة وقادرة على التحرك والمناورة دون أن تُمكّن العدو منها.
إن تتابع العمليات النوعية المذهلة للمقاومة في هذه الأيام، وقدرتها على التكيف في مواجهة مخططات قوات الاحتلال وأعوانها، ثم الردّ المؤلم عليها دفع أكثر المراقبين انحيازاً للاحتلال الى توقع نهايته الحتمية عما قريب، بعد أن بدأت قواته تفقد سيطرتها على الوضع العام في العراق من وجهتيه الأمنية والسياسية. كما اعترفت بذلك صحيفة "الفايننشال تايمز" في عددها الصادر يوم الأربعاء الأول من حزيران الماضي، وهو ما دفع الانسان العربي البسيط الى الاستبشار بأن هذه المقاومة تمثل ثورة تحرير البشرية من الطغيان الاميركي، والعامل الأساسي لتقويض مشروع "الشرق الأوسط الكبير"، وإنهاء مقولة "القرن الاميركي الجديد"، وما شابه.
وأمام تكريس هذا الوجه الحقيقي للمقاومة في وجه محاولات وصْفِها بالارهاب، بدأت تتكشف للعيان معلومات عن قيام تحالف إدارة الاحتلال مع النظام العراقي الحالي( غير الشرعي ؛ والمزيف ) بانشاء خلايا ارهابية هدفها الأساس تشويه صورة المقاومة الحقيقية، وتنفيذ عمليات مشينة لإلصاقها بها، وهو ما كشفته الرسالة السرية التي وجهها رئيس لجنة التنسيق الأمني والسياسي في العراق الى الجهات الرسمية وهي تتضمن محضر اجتماع اللجنة بتاريخ 26/6/2005 حول خفايا نشاطاتها والقرارات التي اتخذتها، وهو ما نشرناه في عدد سابق، وقد جاء فيه هذه الفقرة أيضاً: "5 – الاستمرار في العمليات الخاصة التي من شأنها تشويه صورة الإرهابيين وانهاء أي تعاطف معهم بين صفوف المغرّر بهم، مع الأخذ بعين الاعتبار السلبيات التـي حصلت في تنفيذ عمليات العامرية وبغداد الجديدة والشعلة ومحطة ضخ المياه، على أن يبقى نهج التصفيات هو الركن الأساسي في مواجهة الارهاب"!
لقد أسقطت المقاومة العراقية حتى الآن استراتيجية بوش للسيطرة الكاملة على العراق، وأوقعت بقواته من الخسائر ما جعلت "شعبيته" تهبط في ميزان الاستطلاعات الى أدنى مستوى وصل إليها منذ انتخابه لأول مرة، كما كلّفت بلاده من أموال المواطن الأميركي أكثر من 300 مليار دولار، وتستنزفه الآن حوالي خمسة مليارات دولار كل شهر (هدماً وتعميراً)، وهذا الرقم مرشح للتصاعد رغم كل ما يحدثه من انعكاسات سلبية خطيرة على مستقبل الاقتصاد الأميركي المصاب أساساً بالعجز، فكيف سيكون الحال الآن بعد حدوث إعصار كاترينا الذي عرّى القوة الأكبر "وبهدل" صورتها وهي عاجزة عن حماية أبناء بلدها، في الوقت الذي "تستأسد" فيه على شعوب الأرض وتمارس عربدتها كما تريد. فضلاً عن كشفه تمييزها العنصري وكيلها بمكيالين بين الأبيض والاسود، والغني والفقير!
هذه هي أميركا – بوش – تشيني – رامسفيلد، بلد كارتل السلاح، والنفط، والتزوير، والارهاب الحقيقي الذي يريد أن يفرض على بلد آخر يحتله دستوراً يلغي هويته، وانتماءه القومي( والإسلامي )، ويُشرّع بنود تقسيمه الى دويلات وملل وقوميات، ويفتح طريق استعباده الى الأبد، وإلاّ فالحرب هي البديلّ!
هذا الدستور الذي يُراد نسف العراق بأسلوب صياغته الحالية تتوقع القوى العراقية الشريفة أن ينقلب وبالاً على رأس الاحتلال واتباعه، وقد بدأت تطالعنا أخبار بشائر توحيد صفوف هذه القوى في جبهة وطنية تستهدف اسقاط مشروع الدستور الملغوم، واكمال مسيرة التحرير،
إن كل ما يجري على أرض العراق اليوم، رغم النزف والضحايا التي تمثلّت آخر صورها البطولية فيما شهدته مدينة تلعفر، وتهديد المقاومة باستعمال "السلاح غير التقليدي في مواجهة الاجرام الرسمي"، ليس إلاّ تأكيداً على استحالة انتصار الاحتلال، وحتمية رحيله القريب مع قرب المعركة الكبرى التي يجري توقعها منذ زمن، وقد توفرّت مستلزماتها ورُسمت استراتيجيتها من داخل ربوع العراق المقاتل، وليس في ندوة خطابية أو مؤتمر، كما حصل في... بيروت.
شبكة البصرة
الاربعاء 10 شعبان 1426 / 14 أيلول 2005 ]]
(1) الحقيقة أنّ قيادة العراق سحبتْ كل موجودات وأموال وذهب المصرف المركزي العراقي قبل بدء حملة الكفر النصراني اليهودي الإلحادي على العراق في 3/ 2003 ؛ وليس المسحوب مليار دولار فقط .. إنّ أي حكومة تتوقّع خطراً قريباً يُداهم بلادها ( بل عاصمة دولتها ) ؛ وقد أعدّتْ هي خطة لقتاله وتدميره تحت الأرض ، لا تترك للعدو ثروة البلاد ( المنقولة ) ؛ وأسرار الدولة ( في الدوواين والمستندات والوثائق والكتب والأوراق والأقراص الحاسوبية المدمجة ؛ وغيرها ) لقمةً سائغة يتمتّع بها ؛ ويستعين بها على محاربة الدولة وإفقار شعبها والقضاء على مقاومتها .. إنّه مِن البدهي أنّ القيادة تسعّى حثيثاً وبسرية تامّة لإخفاء وسحب وتخزين هذه الثروات والوثائق ؛ كما سعتْ لإخفاء أسلحتها وقواتها المسلحة وهياكلها وخططها العسكرية والسياسية .